من المنع إلى الصوم

اتخذت كرواتيا قرارًا يقضي بمنعٍ كاملٍ للهواتف المحمولة في المدارس. ويبدو أن هناك اتفاقًا شاملًا حول هذا النظام الذي سيُعرَض للتصويت في البرلمان الكرواتي بعد شهرين – إذ يتفق عليه الجميع: السلطة والمعارضة والوالدين، وبحسب التصريحات، حتى الأطفال يوافقون عليه.

يبدو أنّ حملات تُجرى في معظم دول العالم تهدف إلى الحدّ من التأثير السلبي للإنترنت. وهكذا اعتمد الاتحاد الأوروبي قانونًا يُلزم المنصّات الكبرى مثل ميتا وتيك توك وإكس بفرض قيود على استخدام الخوارزميات التي تُعزّز الإدمان.

على تيك توك، أظن أن المستخدمين لا يلاحظون حتى ما يشاهدونه، بل تستمرّ المعلومات بالمرور أمامهم ونحن بالطبع نمتصّها طوال الوقت، لدرجة أننا نتحوّل إلى “زومبي” لا يفعلون سوى ابتلاع المعلومات. لا نملك أي سيطرة عليها، وهي التي تقوم لاحقًا، بطريقة ما، بتشكيلنا.

https://www.slobodnaevropa.org/a/perspektiva-sarajevo-film-festival/32617958.html

حظرت فرنسا استخدام الهواتف المحمولة في المدارس الابتدائية والمتوسطة بهدف الحدّ من التشتّت والإدمان. أمّا ألمانيا فتقوم بتثقيف الأطفال والوالدين حول الثقافة الرقمية وطرق الوقاية من الإدمان. وقد أنشأت الحكومة الإيطالية مرصَدًا للصحة الرقمية لدى الأطفال، يراقب تأثير شبكات التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية على الصحة النفسية وكذلك على مستوى المعرفة.

التواصل بين الأقران ضعيفٌ جدًا، لأن شبكات التواصل الاجتماعي تؤثر عليه بشكل كبير، ونكتب بشكل متزايد، إن صح التعبير، عبر الرسائل، ولا نعرف كيف نعبر عن أنفسنا. بتعبير أدق، التعابير التي يستخدمها الشباب في التواصل اليومي ضعيفة جدًا.

https://www.youtube.com/watch?v=GDl1k2p9baM

حددت الصين وقت لعب ألعاب الفيديو للقاصرين بحيث لا يتجاوز ثلاث ساعات أسبوعيًا، كما حظرت “الجذب الخوارزمي”. وأُدرج مفهوم “النظافة الرقمية” في النظام التعليمي. وفي كوريا الجنوبية، توجد بالفعل عيادات لعلاج إدمان الإنترنت وألعاب الفيديو، كما يُقيَّد وصول الأطفال دون سنّ السادسة عشرة إلى الإنترنت. وفي الولايات المتحدة، تُناقش حاليًا لوائح أكثر صرامة ضد “التصميم المفترس” للتطبيقات (مثل التمرير اللانهائي والإشعارات الفورية)، كما رُفعت دعاوى قضائية ضد شركات مثل ميتا وتيك توك بسبب إنشاء آليات إدمانية. وتُطبق اليابان مفهوم “الصوم الرقمي” بينما أُدخلت في فنلندا وكندا وأستراليا برامج مدرسية تُعلّم الأطفال الاستخدام النقدي للإنترنت. ويحذّر الشباب في برامج “برسبكتيفا” من أن من أبرز نتائج هذا الإدمان هو الترويج لأنظمة قيم خاطئة.

أود أن أشير إلى أن نظام القيم الخاطئ موجود بشكل خاطئ تمامًا في جميع الأجيال وحتى في المدارس الابتدائية، حيث يتم تقييم الملابس التي يرتديها الشخص أكثر قيمة من نوعية الدرجات التي حصل عليها، حيث يتم التمييز ضد الطلاب فقط بسبب متوسط ​​الدرجات المرتفع، وهو أمر خاطئ تمامًا.

https://www.youtube.com/watch?v=Ov_TfaZ9zaY

توجد استراتيجيات وطنية، لكن لا توجد إجراءات على مستوى الدولة حتى الآن. في الجبل الأسود، اتُخذ قرار بحظر الهواتف المحمولة في المدارس في فبراير 2025، لكن لا توجد بيانات حتى الآن عن عدد المدارس التي تطبق هذا القرار. أصدرت مقدونيا الشمالية قانونًا مشابهًا قبل شهر، وأصدرت كوسوفو “إرشادات” قبل سبع سنوات لتطبيق الحظر في المدارس، لكنها لم تُطبق بعد.

وبينما تتخذ الدول خطوات لحماية الأطفال من الإدمان، ظهر الذكاء الاصطناعي في سوق التكنولوجيا. كم من الوقت ستستغرق الدول للحد من التأثير السلبي لهذا التطبيق؟

المقال السابقلسنا خائفين: الطلاب ضد فوتشيتش
المقال التاليلن نشارك في لعبة الانتخابات